Sunday, September 11, 2005

وزارة الثقافة هتروح النار-ياسر عبدالحافظ

توقعوا هذا التصريح من وزير الثقافة ?
إن لم يكن قد أدلي به بالفعل خلال الأيام التي تفصل بين هذه الكتابة وبين وجودها في السوق?: طبعا منتهي الإهمال إن المسرح ما يبقاش فيه طفاية حريق، وكمان العامل يقفل الباب ويروح، حادثة رهيبة فقدنا فيها زملاء من أهم أعمدة المسرح، احنا احتسبناهم شهداء الفعل المسرحي، ورغم ان الخسارة رهيبة لكن لازم نتماسك عشان نشوف ها نعمل إيه، ومبدئيا وضعنا خطة عاجلة لمراجعة وتقييم كل قصور الثقافة في القري والمراكز وناوين نحرقها كلها ونبنيها من جديد علي أعلي مستوي بحيث لما مخرج يحب يجرب ويولع في المسرح الناس تلاقي أبواب تهرب منها، لأن اللي حصل مش معناه إننا نهاجم التجريب بالعكس احنا مع التجريب للنهاية?ماذا بعد أن احترق حتي الموت في قصر ثقافة بني سويف 32 شخصا ما بين ناقد ومؤلف ومخرج وجمهور، من الذي سنحاسبه علي أرواح هؤلاء: مصطفي علوي الذي وضعته السياسة علي رأس مكان لا يعرف من تاريخه أو وظيفته شيئا، هل نحاسب المحافظ الذي بشر في المؤتمر الصحفي يوم الافتتاح بأنه قد تلقي عرضا من شركة استثمارية لبناء مول يضم مسرحا وسينما، ثم مضي يحوطه الحرس تاركا المسرحيين المساكين لقدرهم الأسود الذي ينتظرهم!هل نتجرأ ونطالب بمحاسبة وزير الثقافة الذي يبدو وكأنه لا توجد قوة قادرة علي الاقتراب منه، علي سؤاله عما يفعل، يتم نهب الآثار بهدوء وروية، تنهار وتحترق ولا أحد يعترض بل يتم قبول حججه كلها: سنستعيد الآثار المسروقة ونرمم المنهار ونبني المحترقة ولن يوقف المسيرة الثقافية التي بدأناها أربعة أو خمسة لا يفعلون سوي الاعتراض.فما الذي سيفعله الوزير اليوم في الناس التي احترقت؟!الغريب أن سياسة وزارة الثقافة كانت قائمة وطوال عهده الملئ بالكوارث علي فكرة الأبنية الفاخرة، كان هناك ومازال انشغال دائم بالمبني وليس ما يتم تقديمه داخله، لكن حتي ذلك لم يتم بناء علي أسس ثقافية محترمة، فلم يكن الهدف من وراء هذا سوي فعل الافتتاح، لا يمر يوم وإلا وتقرأ خبرا مفاده أن وزير الثقافة قد افتتح أو بأنه جاري العمل علي افتتاح كذا، وكلها طبعا مشروعات ضخمة كافية للرد علي حجج المعترضين التي لا تهدف سوي لتعطيل حركة البناء العظيمة تلك.لم تنتبه وزارة الثقافة وسط مشاريعها الكبري بالقصور الفقيرة في المحافظات، ربما لم تسمح الميزانية بعد كل هذا بطفاية حريق أو حتي بجردل ميه يمنع تلك النار المشتعلة في أجساد ناس ماتوا حبا في المسرح.غالبا سيقول بعض من خصصوا حياتهم وأفكارهم للدفاع عن الوزير وسياسته أننا نستغل الحادث،وأن الوقت الآن هو وقت الحزن النبيل، أو أن الحوادث تحدث في كل مكان في العالم وهذا قضاء الله، أو أن الخطأ كله خطأ العامل الذي أغلق الباب وراح ليشرب كوب شاي، أو......غالبا ستنجو وزارة الثقافة من تلك الكارثة حتي تحدث كارثة أخري.لكن غالبا­إن شاء الله­ وزارة الثقافة هاتروح النار هي ومشروعاتها الكبري. ياسر عبد الحافظ