Wednesday, June 15, 2016

فلنتألم إذن

تستيقظ في الصباح على أخبار الحوادث المعتادة 
تتوقف فجأة أمام صورة شاب ضاحك متفائل 
وأصدقاؤه يودعونه 
وتفهم أنه مات هو وأطفال معه جراء حادث من حوادث الطريق المعتادة
ثم تقرأ عن حادث طريق آخر 
يموت فيه أب وابنته 
وتفهم من التفاصيل أن الإسعافات تأخرت على الابنة 
وأن الام المسكينة كانت تراقب ابنتها وهي تضيع منها

تحزن معهم، كما يحدث عادة عند متابعة الاخبار
ثم تقوم لتمارس حياتها بصورة معتادة 
وهي على يقين أن حياة من هم هناك لن تُمارس بعد اليوم بصورة معتادة 
يعتقد الناس أن الحزن والألم عند الفقد يخفت أو يزول بمرور الوقت 
ولكن الحقيقة هي أننا بفقدنا شخص نحبه نفقد أيضًا جزء بداخلنا
جزء كان قد كونه هذا الشخص بوجوده، ربما لا يمكننا أن نلمسه بأيدينا 
ولكنه جزء من الكيان 
وعندما نفقد هذا الشخص 
يحدث تغيير ما بداخلنا 
 ،إما أن نحاول التخلص من هذا الجزء ونسعى للنسيان
إما أن نحاول منح هذا الجزء من كياننا مكانًا  نلجأ إليه، من حين لآخر 
 في محاولة لاستعادة ما فقدناه
إما أن نفسح لهذا الجزء مساحة أكبر مما كانت لتعويض الفقد فيحتل مكانة مضاعفة تمنعنا عن التفكير في شيء آخر ويحجب الرؤية

عندما نتألم نحن مع من فقدوا شخص ما أو مع من تعرضوا لألم ما 
نشعر بنوع غريب من العجز 
وخاصة عجز عدم قدرتنا عن فعل أي شيء يساعدهم
فيتكون بداخلنا هذا الشعور  بالعجز المصحوب بالألم 
كان واجبي أن أكون هناك
ولكنني لا أستطيع أن أتواجد في كل مكان
كان عليّ أن أكون هناك وأن أمد لهم يدي
ولم أستطع

كثيرًا نحاول أن ننفض عنا هذا الحزن وأن نحارب وجوده 
لكننا غالبًا لا ننجح 
وتنتج عن محاولاتنا تلك ربما ألامًا نفسية أكبر 
نتشبث بالأمل في غد ربما يحمل أخبارًا مفرحة 
وعندما يحدث ذلك 
نضع آلامنا بجوارنا رغبة في الفرحة التي تأتي في محاولة لتزيح الألم 
ولكننا سرعان ما نجد للألم أسبابًا جديدة 
حيث أصبحت مصادره كثيرة ومتعددة في عالم مفتوح على مصراعيه أمامنا كل لحظة 

أصبح للألم هو أيضًا مكانه في حياتنا اليومية 
نمر عليه وربما نحاول أن نبتسم له 
بل أحيانًا نغذيه حتى لا نفقده 
فنتابع التفاصيل والصور الخاصة بالمآسي التي تمر علينا يوميًا
:ويكون علينا أن نختار بين
أن نتجاهله ونعيش في عالم آخر لا ألم فيه، من صنع الخيال 
أن نحترمه ونفسح له مكانًا محددًا ليعيش معنا ونتعايش مع وجوده
 ولا نفقد انسانيتنا بالإعتياد عليه 
 أن نفسح له مكانًا أكبر فيحتل كل ركن من حياتنا ولا يترك لنا مساحة لاستقبال
الفرح

فلنتألم معهم إذن  
ولكن لندع في قلوبنا تلك المساحة القادرة على استقبال 
ما يقبل علينا من فرح 
ما يرسله لنا النور من ابتسامات تضيء أيامنا