لم أكن اتخيل أنه في الوقت الذي انتظر ان تبدأ التغطية الاعلامية لترجمة بندول فوكو، والذي خرج أخيرًا للنور بعد ظروف واحداث كثيرة، بل والذي أشك في أن يُقدم أحد على قراءة صفحاته السبعمائة، في وقت لا يستطيع أحد أن يتوقف ليقرأ شيء آخر سوى الجرائد ومتابعة التويتر والفيسبوك ليعرف إلى أين نحن ذاهبون، اجدني أشعر بالحزن على ترجمة أخرى قمت بها منذ بضعة أعوام ونُشرت بالفعل عام 2006 ولكنها كانت كالطفل المولود في الوقت الضائع.
في الواقع لا اعرف سبب لما آلت عليه الترجمة من مصير إلا انها لم تنل حظها في الدعاية، حيث كانت فترة نشرها هي فترة التحول من المشروع القومي للترجمة إلى المركز القومي للترجمة. ونظرًا لأنه كتاب عزيز جدًا على قلبي، حيث يتحدث عن مصر وعن الايطاليين في مصر، اشعر بأنه كتاب مسكين، قاست عليه الظروف ولم يهتم به أحد، فلم يقل له أحد أنت جيد أم سيء، ولم اشعر بمتعة من اختار عملاً اعجبه جدًا ليترجمه ويشارك به الآخرين به
أتذكر أن ما اعجبني في الرواية هي رغبة البطل في البحث عن هويته، فهو مغترب ، وُلد من أبوين إيطاليين في الاسكندرية وعاش فيها حياته كلها، لم يعرف سواها، ولكن ظلت إيطاليا هي وطنه الأول وظل يحلم بأن يجد لنفسه فيها جذورًا
في اثناء محاولاته تلك، يصاب في حادث غطس، ويقيم في المستشفى ويجد نفسه يحلم بقصة، قصة مسلسلة، يحلم بجزء منها كل يوم، قصة تعوضه عن تاريخه الضائع، قصة لا يتنهي منها في أحلامه إذ يقرر أن يستيقظ، ليحاول أن يعثر لها على نهاية في واقعه
كانت تجربة هذه الترجمة مختلفة وخاصة جدًا بالنسبة لي، ربما لأنها تتعلق في أجزاء كثيرة منها بمصر، والأسكندرية، سيوة ودير أبي مقار بل وبفلسطين، واقع أنا جزء منه، مناطق عشت فيها و أخرى كانت ولازالت حتى على بعدها جزء من واقعي اليومي وهمومه، ربما لأنها تتعرض أيضًا لجزء من تاريخ الكنيسة ومفاهيم قديمة وتأويلات، وتتعرض لما يمكن للاضطهاد والتشدد الديني أن يوقعه من ظلم على البشر وخاصة البسطاء منهم.
ربما لكل هذه الاسباب اتذكر هذه الترجمة الآن واكتب هذه الكلمات